Website counter

بحث هذه المدونة الإلكترونية

موقع خاص بالبحث في مجال الفلسفة والعلوم الإنسانية

السبت، 3 شتنبر 2011

جان كيليفيتش والموت



تلعب الموت لعبة الاختفاء والتجلي أمام الوعي: حيثما وجدت لا توجد الموت؛ وحينما تكون الموت هنا، فإنني أنا الذي لا أكون موجودا هناك. مادمت موجودا، فالموت آتية؛ وحينما تحضر الموت، هنا والآن، فإن لا أحد يوجد. ثمة أحد أمرين: الوعي أو الحضور القاتل / الموت والوعي، إنهما يطاردان بعضهما البعض ويتبادلان الإلغاء سويا، كما يحدث في موصل الكهرباء ... من المستحيل الجمع بين هذه المتناقضات عمليا، فالبديل مصاغ بعناية وبدقة؛ في مثل هذه الشروط، فإن الضمير الثاني يعطى لنا احتمالا كوسيلة لتجاوز هذا الفصل. حينما يتعلق الأمر بموتك فإن الأزمنة الثلاثة تصبح موضوع تفكير ومساءلة: المستقبل أولا، كما للضمير الأول، وبصدق أكثر فالماضي كما للضمير الثالث: لأنني طبعا تمكنت من تجنب موت الأنت؛ والوعي المابعدي طبعا والمتبادل لا يكون على الإطلاق في راحته إلا بعد حصول الأمر الواقع؛ ثم أخيرا الحاضر الذي هو دون أدنى شك خاصية هذه الفلسفة التي هي في مقام الضمير الثاني: ذلك أنه ما من شيء يعارض ما يشهده وعيي بموتك، منذ اللحظة التي يتوزع فيها الوعي والموت على رأسين.
سيقال إن فلسفة الضمير الثالث مقتدرة إزاء الأزمنة الثلاثة، لكن هذه الأخيرة لها عند الضمير الثالث شيئا استشباحيا يجعل منها ثلاث منوعات متمايزة بالكاد عن الماضي أو بالأحرى عن اللازماني: يكفي مقارنة اللحظات الأخيرة لسقراط التي رواها أفلاطون، ومع اللحظات الأخيرة لنيكولا ليفين التي رواها تولستوي، لكي نشعر الفرق الذي يفصل المعاصرة المجردة واللازمانية واللاشخصية، عن المعاصرة السافرة في فيدون حيث المتلقنون للحقيقة الوحيدة، ثم في أنا كارينين حيث حدود الحدث الغريب الذي يغلق مصيرا للأبد وبشكل تراجيدي، والذي يحاول الكاتب فيه أن يفاجئ قدومه.
جان كاليفيتش : ترجمة أحمد الطريبق.

المتابعون

من أنا